خطر التأويل

يأتي لفظ ( التأويل ) في لغة العرب بمعنيين رئيسيين:

أولهما : التفسير والبيان، وثانيهما : العاقبة والمرجع وما يؤول إليه الكلام.

والتأويل في كلام الشارع الشريف والسلف الصالح لا يخرج كذلك عن هذين المعنيين، فعلى المعنى الأول ، جاء قول الرب سبحانه (نبئنا بتأويله) أي تفسيره،
ودعاؤه صلى الله عليه وسلم لابن عمه العباس: ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل )
وقول ترجمان القرآن وحبر الأمة أعني ابن عباس: ( أنا ممن يعلم تأويله)
وعلى المعنى الثاني جاء قول الله تعالى: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) أي أحسن عاقبة،
وقوله سبحانه : ( قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا )

فالمراد بالتأويل هاهنا عاقبة هذه الأفعال ، وبما يؤول إليه ما فعله من مصلحة أهل السفينة، ومصلحة أبوى الغلام ، ومصلحة أهل الجدار.

أما التأويل في اصطلاح المتأخرين من علماء الكلام وغيرهم فهو:

( حمل اللفظ على غيره مدلوله الظاهر منه مع احتماله إياه) والتأويل بهذا المعنى لم يكن معروفا عند السلف ، بل ولا في لغة العرب ، وهو بهذا المعنى وثيق الصلة بالمجاز،

وقد استعمل علماء الكلام بهذا المعنى في كتب العقائد لصرف أخبار الصفات عن مدلولها الحقيقي اللائق بجلال الله وعظيم سلطانه،
زاعمين أن ظاهرها يخالف العقل ويوهم التشبيه والتجسيم، فأنكروا علو الله تعالى ، واستواءه على عرشه سبحانه، وإتيانه ومجيئه ، ونزوله إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل وغير ذلك ،

فضلوا ، وأضلوا ، والله الهادي إلى سواء السبيل.