آلية تعبير الرؤيا

تتم آلية تعبير الرؤيا عبر أربع خطوات:

هي التمييز بين أنواع الرؤى بحيث يعرف المعبر هل يُستحب تفسير هذه الرؤيا لأنها صالحة تبشر بخير أم أن

السكوت عن تفسيرها هو الأولى ،

أم أنها ليس لها تفسير أصلا، لأنها أضغاث أحلام، أو مما يحدث به المرء نفسه أو يتمناه في واقعه فيراه في منامه

والخطوة الثانية انتقاء الرموز

من الرؤيا وترك الحشو الذي لا يرمز لشئ،

والخطوة الثالثة:

أن يعرض المعبر رموز الرؤيا على مصادر تعبير الرؤى من القرآن والسنة والأمثال واشتقاق اللغة والمعاني والقياس والتشبيه والقلب ليختار لكل رمز من رموز الرؤيا تفسيرا مناسبا

والخطوة الرابعة الأخيرة

أن يؤلف أو أن يجمع بين معاني رموز الرؤيا ليكون منها تفسيرا مناسبا لها

وهاكم مثالا:

رأى الحجاجُ بن يوسفَ في منامه كأن جاريتين من الحور العين نزلتا من السماء، فأخذ الحجاج إحداهما، ورجعت الأخرى إلى السماء.
فبلغت رؤياه ابنَ سيرين، فقال: هما فتنتان يدرك إحداهما، ولا يدرك الأخرى، ويعني ابن سيرين بذلك فتنة الخروج على الحكام فقد نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث من الكثرة بمكان، وأجمع على تحريم الخروج على الحكام وإن وقع منهم الجور والظلم أهلُ السنة والجماعة.

في هذه الرؤيا رمزان:

  • الرمز الأول: الجاريتان .
  • والرمز الثاني: أن الحجاج أخذ إحداهما ورجعت الأخرى إلى السماء .

وقد عرض ابنُ سيرين هذين الرمزين على مصادر تفسير الرؤى، واختار للرمز الأول أصلاً من أصول التعبير أخذه بدلالة السُّنَّة، وهو تعبير النساء بالفتنة؛ لقوله ﷺ في الحديث المتفق عليه: ((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ)).
واختار للرمز الثاني وهو أخذ إحدى الجاريتين معنى آخر بدلالة المعنى والقياس، وهو إدراكُ الفتنة والتلبسُ بها، ثم ألَّف بين الأصلين، واستخرج معنى واضحًا، وهو أن هنالك فتنتين كبيرتين ستقعان في الأمة، وسيدرك الحجاجُ فتنةً منهما، فأدرك الحجاج فتنة ابن الأشعث التي قُتل فيها خلق كثير من المسلمين، ولَمْ يدرك فتنةَ ابن المهلب فوقعت الرؤيا كما عبر ابن سيرين!

ويلاحظ أن هذه الرؤي التي عَبَّرها ابن سيرين وقعت كما فسر، ذلك أن الرؤيا تقع على ما تفسَّر، كما ثبت ذلك في بعض الأحاديث .

قال ابن الوردي:

وهْي على جَنَاح طـائرٍ إذا  *** أوَّلتَها حلَّت ببشرى أو أذى

ومن ثَمَّ نقول منبهين: لابد أن تُعبر الرؤيا على خير مهما أمكن بغير تعسف، وإلا فالكفُّ عن تفسيرها أولى وأحرى .

قال الزرقاني:

“وسنة الرؤيا إذا كان فيها ما يكره أن لا تعبر”