إياك والتحزب يا ولدي

يا ولدي: إن الأمر الذي لا اختلاف فيه أن الأصل في الإسلام وجوب الوحدة والائتلاف، وحرمة الفرقة والاختلاف، وأن المطلوب من كل مسلم أن يكون على الإسلام الصحيح، الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا مضى المسلمون الأوائل، وكانوا أمة واحدة إلى أن ظهرت الخوارج، وكفروا كبار الصحابة، ثم توالت الفرق والأحزاب والجماعات!
فلا ينبغي للمسلم الحق أن يخرج من سعة الإسلام إلى قوالب الأحزاب والجماعات، ويتقيد بمنهج غير منهج النبوة القائم على الكتاب والسنة بفهم الصحابة رضي الله عنهم، فإن مضار الجماعات والأحزاب على الإسلام والمسلمين من الكثرة بمكان، فمنها:
1- ان كثرة هذه الجماعات بكثرة مناهجها الفكرية فرقت الأمة ومزقت شملها وأورثت المنازعة والشحناء والبغضاء.
2- أن الولاء والبراء أضحى يعقد عليها، فصار الولاء لهذه التنظيمات وتلك الجماعات لا لله – تبارك وتعالى-، وأصبحت الدعوة كذلك إلى هذه الجماعات وليس إلى الإسلام، وكم حصلت من حروب كلامية ودموية بسبب التعصب لهذه الجماعات أو لمؤسسيها أو منظريها.
3- أن الانتماء إلى جماعة يميز المنتسب إليها عن غيره ويجعل له حقوقًا ليست لغيره من المسلمين، ويعقد له عقدًا ليس لغيره، والله قد عقد بين المسلمين جميعًا بعقد الأخوة، فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات:10]. والحزبية تنشئ أخوة دون أخوة مبنية على مبادئ الجماعة وشعارها.
4- “إن السماح بإنشاء جماعات إسلامية على أرض الدولة المسلمة سيؤدي إلى التلاعب بمسألة شرعية خطيرة، وهي مسألة البيعة، إذ ما من جماعة إسلامية إلا ويطالب أتباعها بإعطاء البيعة لزعيمها، أو مؤسسها، أو الذي يتولى أمرها، وعندئذ تتعدد البيعات بتعدد الجماعات، وفي هذا هدم لقاعدة شرعية أساسية، وهي أن البيعة التي هي في عنق المسلم، إنَّما هي بيعة على السمع والطاعة في المعروف لولي أمره.. فلا يجوز توجيه البيعة إلى الجماعات وزعمائها”([1]).
5- وفي الحزبية تحجيم للإسلام فلا ينظر إليه إلا من خلالها في تجمع حول قيادة معينة، ومبادئ فكرية خاصة، فعلى أيدي جماعات العنف والتطرف التي تسفك الدماء، وتروع الآمنين، قدمت صورة بشعة مقززة عن الإسلام والمسلمين، لا تمت إلى الحقيقة بصلة ولا نسب!.
6- والحزبية تقوم على التسليم بآراء الجماعة والدعوة إليها وسد منافذ النقد لها، وهذا يناقد ما دعا إليه الشارع من ملازمة الحق ونقد الباطل والتحذير منه ونبذ التقليد الأعمى “ومعظم الجماعات يعتقد المسئولون فيها أنَّهم هم وحدهم الذين يحق لهم أن يناقشوا فيما بينهم، فإذا وصلوا إلى قرار فهو ملزم لجميع الأعضاء في الجماعة، وأن الآخرين كلهم -أي غير أولئك المسئولين- واجبهم السمع والطاعة بغير اعتراض، وتلجأ تلك الجماعات إلى تَهديد المخالفين بالفصل من الجماعة إن لَم يسمعوا ويطيعوا”([2]).
7- والغالب أن هذه الجماعات تنقسم على نفسها؛ لتخرج للأمة جماعات أخرى، تزيد في تمزيق شملها وإنْهاك قوتِها، كما هو حال كثير من الجماعات والأحزاب الإسلامية اليوم.
فهذه بعض مضار التحزب والانتماء إلى الجماعات الدينية فإياك والانضمام إليها.

([1]) بصائر للدعاة (27).
([2]) واقعنا المعاصر (498).