إياك والغلو في الجهاد يا ولدي

                                                         
أراك يا ولدي تردد كلمة (الجهاد) صباحَ مساء، متشوفاً إليه، ملهوفاً عليه، متحمساً له، لكني لم أرك تحاول الوقوف على أحكامه ومعرفة مقاصده وشروطه! وهذا أمر لا أرضاه لك، فإن أول مراتب الجهاد أن تجاهد نفسك على تعلم الحق والهدى[1]، فلابد من العلم قبل العمل، لكي تعبد الله على بصيرة لا على جهل وعماية!
ولأنك يا ولدي الحبيب ضعيف في العلم الشرعي، كما أن أكثر من انحرف من الشباب كان بسبب جهله بالشرع! فإن جهادك في طلب العلم أحب إلى الله وأفضل من قتالك في سبيله!
وقد سئل الإمام أحمد عن رجل له خمس مئة درهم، ترى أن يصرفها في الغزو والجهاد، أو يطلب العلم؟
فأجاب: ” إذا كان جاهلاً يطلب العلم أحب إلي “
وفي ذلك يقول أبو هريرة رضي الله عنه : لأن أعلم بابا من العلم في أمر ونهي أحب إلي من سبعين غزوة في سبيل الله!         
    وقال الحسن البصري : ما من شيء مما خلق الله أعظم عند الله في عظيم الثواب من طلب علم! لا حج ولا عمرة ولا جهاد ولاصدقة ولا عتق، ولو كان العلم صورة لكانت صورته أحسن من صورة الشمس والقمر والنجوم والسماء والعرش.
قال ابن بطال رحمه الله : ” إن طلب العلم ينبغي أن يكون أفضل من الجهاد وغيره، لأن الجهاد لا يكون إلا بعلم حدوده وما أحل الله منه وحرم، ألا ترى أن المجاهد متصرف بين أمر العالم ونهيه، ففضل عمله كله في ميزان العالم “
بل قال الإمام الفقيه أبو العباس القرافي ( ت: 684 هـ) : “ما الجهاد وجميع الأعمال في طلب العلم إلا كنقطة في بحر “
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : ( تعلموا العلم فإن تعلمه لله حسنة وطلبه عباده ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد )[2]
فجعل البحث عن العلم من الجهاد في سبيل الله! وهو ما قرره ابو الدرداء رضي الله عنه  حين قال: ( من رأى الغدو والرواح الى العلم ليس بجهاد فقد نقص عقله و رأيه )[3]
فاجتهد في تحصيل العلم، وخذه من أكابر أهله، ولا تتلقاه من حدثاء الأسنان، قال عبد الله بن مسعود -رضي اللهُ عنه :
” لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم هلكوا “
وليس العلم وحده أفضل من الجهاد، بل ثمة أعمال أخرى!
فقد سئل الإمام مالك : الغزو أحب اليك أم الحج ؟
 فأجاب قائلاً: الحج إلا أنيكون سَنَةَ خوفٍ !
 وصدق مالك فإن الحج ركن من أركان الإسلام، كما أن بر الوالدين أفضل من الجهاد، لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية!
 
أما متى يكون الجهاد أفضل من غيره؟ 
فهاك جواب الذين أوتوا العلم: يكون الجهاد أفضل من غيره إذا تعين أي صار فرض عين على بعض المسلمين، وذلك في بعض الأحوال والظروف، كما إذا هجم الأعداء على بلدك ودعاك الحاكم أو دعا أهل بلدك عامة إلى النفير العام، فحينذاك لا يعدله غيره، إذ يكون أفضل من الصلاة والحج والصيام وبر الوالدين وطلب العلم ،وذلك في حقك وحق أهل بلدك لا في حق غيركم!
فالجهاد فرض كفاية، وليس بفرض عين، ووسيلة وليس غاية، قال عز وجل: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة..) [التوبة: 122 وقَالَ رجل لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: أَلَا تَغْزُو ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” إِنَّ الْإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ ” أخرجه الإمام مسلم في صحيحه  وزاد في رواية عبد الرزاق في آخره : “وإن الجهاد من العمل الحسن “
قال ابن حجر:  لم يذكر الجهاد ؛ لأنه فرض كفاية ولا يتعين إلا في بعض الأحوال ، ولهذا جعله ابن عمر جواب السائل [4]
أنواع الجهاد
وتأمل  ياولدي أنواع الجهاد ومراتبه، فإنها كثيرة: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات، وجهاد الكفار، وهذا الأخير يكون بالقلب واللسان والمال والنفس, فأخبرني يابني، هل كان أكثر جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم بالسلاح والعتاد؟!
لقد كان جهاده صلى الله عليه وسلم باللسان والدعوة إلى الإسلام وتعليم الناس وبيان أصول الدين وفروع الشريعة أكثر من الجهاد باليد والقتال والطعن والمبارزة، وذلك لا عن جبن ـــــ كما يقول ابن حزم ـــــ بل كان عليه السلام أشجع أهل الأرض قاطبة نفسا ويدا وأتمهم نجدة، ولكنه كان يؤثر الأفضل فالأفضل من الأعمال فيقدمه ويشتغل به.
شروط الجهاد:
 
والجهاد ليس فوضى يا ولدي، بل له شروط يجب أن تتوفر لكي يكون  في سبيل الله، وإلا كان جهاداً بدعياً، وفي سبيل الطاغوت!
قال شيخ الاسلام بن تيمية : ( والكتاب والسنة مملوءان بالأمر بالجهاد وذكر فضيلته، لكن يجب أن يعرف الجهاد الشرعي الذي أمر الله به ورسوله من الجهاد البدعي جهاد أهل الضلال الذين يجاهدون في طاعة الشيطان وهم يظنون أنهم يجاهدون في طاعة الرحمن كجهاد أهل البدع والأهواء كالخوارج ونحوهم الذين يجاهدون في أهل الإسلام )[5]
فلابد أن يكون عند المسلمين قدرة أو قوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة، فلا يجوز لهم القتال، لأنهم بذلك يعرضون أنفسهم للهلاك،و{ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا }
ويوضح ذلك أن الله لَم يأمر رسوله e والصحابة بقتال الكفار لَمَّا كانوا فِي مكة، لضعفهم من جهة العدة والعتاد بالنسبة لعدوهم.
   ومن الشروط كذلك رضى أبويك فقد أوجب الشرع  أن تستأذن منهما، ذلك أن الجهاد فرض كفاية، وبر الوالدين فرض عين، فيقدم العين على الكفاية، فإن أذن لك أحدهما ولم يرض الآخر، فلا يجوز لك أن تجاهد!، فإن جاهدت أثمت ولم تؤجر!
فقد “جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فاستأذنه في الجهاد فقال (أحي والداك؟) قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد»” رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو، وَأَصْرَح من ذلك حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِاِرْجِعْ فَاسْتَأْذِنْهُمَا فَإِنْ أَذِنَا لَك فَجَاهِدْ , وَإِلَّا فَبِرّهمَا
وقصة هذا الرجل الذي جاء يستأذن النبي عليه السلام في الجهاد تذكرنا بشرط آخر من الأهمية بمكان، فلا يخفى عليك يا ولدي أنه يشترط في صلاة الجماعة أن يكون للمصلين  إمام، ولا يجوز أن يسافر ثلاثة من المسلمين دون أن يؤمروا أحدهم، فكذلك فإنه يشترط أن يكون جهاد المسلمين تحت إمرة حاكم مسلم، ولا يجوز الخروج للجهاد إلا بإذنه، فإن أمور الحرب موكلة إلى رئيس الدولة، كما هو اعتقاد أهل السنة، وإلا كانت أمور المسلمين فوضى.
قال تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ ) (62) النور 62)
والامر الجامع هو الذي يجمع له كالحرب والجهاد في سبيل الله  كما قال كثير من المفسرين.
قال تعالى (وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر مِنهم لعلمه الذين يستنبطونه مِنهم ولولا فضلُ الله عليكم ورحمته لاتبعتمُ الشيطانَ إلا قليلاً) [النساء 83]
ففي الآية دليل على وجوب الرد إلى أولي الأمر في أمر الجهاد، لأنه من أمور الأمن والخوف.
ومما يشير إلى ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: استأذنت رسول الله في الجهاد فقال جهادكن الحج) رواه البخاري
وهذا صريح في طلب الاذن من الحكام
وفي هذا أخرج الشيخان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتِلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ، فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ»
قال ابن حجر: قوله إنما الإمام جنة بضم الجيم أي سترة لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين ويكف أذى بعضهم عن بعض والمراد بالإمام كل قائم بأمور الناس والله أعلم
قال النووي رحمه الله: معنى (يقاتل من ورائه): أي يُقاتلُ معه الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد والظلم مطلقاً…).
قال القرطبي في المفهم: قد تضمن هذا اللفظ – على إيجازه – أمرين : أن الإمام يُقتدى برأيه ، ويُقاتل بين يديه . ا.هـ.
هذا ولم يُنقل عن سرية في زمان النبي صلى الله عليه وسلم أنها سارت دون إذنه، ولو أن كل من أحب الجهاد وتحمس له جمع جيشا لأصبحت المسألة فوضى!
قال عبدالله بن الإمام أحمد: قلتُ لأبي: فإن خرجوا بغير إذن الإمام؟ قال: لا, إلا أن يأذن الإمام, إلا أن يكون يفاجئهم أمرٌ مِن العدو ولا يُمكِنُهم أن يستأذنوا الإمام!
ونصَّ على ذلك الأئمة من بعده، فقال ابن قدامة:” وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا المقل منهم والمكثر ولا يخرجوا إلى العدو إلا باذن الأمير إلا أن يفجأهم عدو غالب يخافون كلبه فلا يمكنهم أن يستأذنوه.. ولا يجوز لأحد التخلف إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال ومن يمنعه الأمير من الخروج أو من لا قدرة له على الخروج أو القتال”[6]
قال أبو محمد بهاء الدين المقدسي (المتوفى: 624هـ): (ولا يجوز الجهاد إلا بإذن الأمير) لأنه أعرف بمصالح الحرب والطرقات ومكامن العدو وكثرتهم وقلتهم، فينبغي أنه يرجع إلى رأيه، (إلا أن يفجأهم عدو غالب يخافون كلبه، أو تعرض فرصة يخافون فوتها) فمتى جاء العدو بلدا وجب على أهله النفير إليهم، ولم يجز لأحد التخلف عنهم إلا من يحتاج إلى إقامته لحفظ المكان والأهل والمال ومن يمنعه الأمير من الخروج لقوله سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] ، وقول النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” «إذا استنفرتم فانفروا» (رواه ابن ماجه)[7]
قال البهوتى الحنبلى (المتوفى: 1051هـ): وَيَحْرُمُ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ الْأَمِيرِ لِرُجُوعِ أَمْرِ الْحَرْبِ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ بِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّتِهِ وَمَكَامِنِهِ وَكَيْدِهِ (إلَّا أَنْ يُفَاجِئَهُمْ عَدُوٌّ) كُفَّارٌ (يَخَافُونَ كَلَبَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ شَرَّهُ وَأَذَاهُ. فَيَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِلَا إذْنِهِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ. وَلِذَلِكَ «لَمَّا أَغَارَ الْكُفَّارُ عَلَى لِقَاحِ أَيْ نُوقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَادَفَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ خَارِجًا عَنْ الْمَدِينَةِ تَبِعَهُمْ فَقَاتَلَهُمْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَمَدَحَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: خَيْرُ رِجَالِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَأَعْطَاهُ سَهْمَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ» وَكَذَا إنْ عَرَضَتْ لَهُمْ فُرْصَةٌ يَخَافُونَ فَوْتَهَا بِتَرْكِهِ لِلِاسْتِئْذَانِ[8]
فجاهد مع الحاكم وإن كان فاسقاً، كما هو اعتقاد أهل السنة، لا مع غيره وإن كان براً تقياً، كما يرى ذلك الخوارج الحرورية، فإن منعك الحاكم من الخروج للجهاد، فامتنع ولا تعاند، كما أكد على ذلك الفقهاء في نصوص سبقت، نختمها بقول ابن حبيب المالكي: “ إنْ نَهَى الْإِمَامِ عَنْ الْقِتَالِ لِمَصْلَحَةٍ حَرُمَتْ مُخَالَفَتُهُ إلَّا أَنْ يَدْهَمَهُمْ الْعَدُوُّ اهـ”[9]
 
ومن شروط الجهاد: وضوح الراية :
ووضوح الراية ضمان لاستقامة الطريق والثبات عليه؛ فلا يجوز للمسلم أن يقاتل تحت راية منحرفة لا تحقق أهداف الجهاد في الإسلام،  قال تعالى : ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) (193) البقرة، كما ” لا ينبغي لمسلم أن يهرق دمه إلا في حق”
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ[10]يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ) رواه مسلم
ومن شروط الجهاد: ألا يترتب على الجهاد مفسدة أعظم من مصلحته.
ومن شروط الجهاد: ألا يكون الكافر الذي تقاتله ذمياً أو معاهَداً أو مستأمناً، قال تعالى (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا).
ومن ثم فلا يجوز لك أن تقاتل ضد دولة كافرة بينها وبين دولتك عهود ومواثيق، ألم تسمع قول الله تعالى:وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الأنفال:72]
 قال ابن عطية: ”  إلا إن استنصروكم على قوم كفار قد عاهدتموهم أنتم وواثقتموهم على ترك الحرب فلا تنصروهم عليهم لأن ذلك عذر ونقض للميثاق وترك لحفظ العهد والوفاء به “.
قال ابن كثير : ” إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار {بينكم وبينهم ميثاق} أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذا مروي عن ابن عباس، رضي الله عنه “أ.هـ.
وقد ترك حذيفة وأبوه نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في بدر بسبب العهد والميثاق الذي أخذه منهما كفّار قريش أن لا يقاتلا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقرهما، كما في صحيح مسلم عن حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ[11]، قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: «انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ»[12]


[1]  انظر : زاد المعاد لاببن القيم: (3/10)
[2]  جامع بيان العلم لابن عبد البر :.( 94)
[3]  جامع بيان العلم ( 60)
[4]  فتح الباري لابن حجر – (1 / 10)
[5]  الرد على الاخنائي ص 205
 
[6]  المغني: ( 10/ 383)، الشرح الكبير على المقنع: (10/ 460)
 
[7]  العدة شرح العمدة: (1/627)
 
[8] دقائق أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات 1/636)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: 2/543)
[9] مواهب الجليل: (3/349)
( [10] ) راية عمية بكسر العين وضمها وتشديد الميم المكسورة وتشديد الياء وهي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه كتقاتل القوم عصبية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة
 
[11]  حُسَيْلٌ هو والد حذيفة واليمان لقب له
[12] رواه مسلم: ( 1787).