لا يسارع في التكفير من كان عنده مسْكَة من ورع ودين، أو شذرة من علم ويقين، ذلك بأن التكفير وبيل العاقبة، بشع الثمرة، تتصدع له القلوب المؤمنة، وتفزع منه النفوس المطمئنة.
وذلك لما يترتب عليه من أحكام عديدة، ووجوه من الوعيد شديدة، كوجوب اللعنة، والغضب، والطبع على القلب، وحبوط الأعمال، والخزي والعار، وعدم المغفرة، ثم الخلود أبد الآبدين في عذاب من رجز أليم، هذا إلى جانب مفارقة الزوجات، وعداوة الأهل والأصحاب، واستحقاق القتل، وعدم الميراث، وتحريم الصلاة عليه، وإبعاد دفنه عن مقابر المسلمين، إلى غير ذلك مما هو مزبور في مصنفات الفقه ودواوين الأحكام، فلا جرم بعدئذٍ أن يقف الشرع الشريف من أمر التكفير موقفًا صارمًا وزاجرًا.
لقد حرَّتْ ظاهرة التكفير المجتمعات الإسلامية إلى الوقوع في الفتن، ومقارفة الويلات، فكم انتهكت من أعراض وسفكت من دماء، وفتحت من معتقلات، و”هاهنا تُسْكَبُ العبرات، ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر، لا لسُنَّة، ولا لقرآن، ولا لبيان من الله، ولا لبرهان، بل لما غلت به مراجل العصبية في الدين، وتمكن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين لَقَّنَهُم إلزامات بعضهم لبعض بما هو شبيه الهباء في الهواء، والسراب بقيعة، فيالله وللمسلمين من هذه الفاقرة التي هي من أعظم فواقر الدين، والرزية التي ما رزئ بمثلها سبيل المؤمنين... والأدلة الدالة على وجوب صيانة عرض المسلم واحترامه يدل بفحوى الخطاب على تجنب القدح في دينه بأي قادح، فكيف إخراجه عن الملة الإسلامية إلى الملة الكفرية، فإنَّ هذه جناية لا تعدلها جناية، وجرأة لا تماثلها جرأة، وأين هذا المجترئ على تكفير أخيه من قول رسول الله S: ((=&0=&=&1=&=&2=&))([1]) وقوله S: ((=&3=&