إياك والإرهاب يا ولدي

اعلم يا ولدي أنه لا يجوز بإجماع علماء الإسلام التهديدُ والترويعُ، وسفكُ الدماء وقتلُ الأبرياء، وتفجيرُ المساكن والمركبات، وتخريبُ المرافق والمنشآت! وتدمير الممتلكات ومقدرات الاوطان إلى غير ذلك من الأعمال الإرهابية، وما نتج عنها من فتن ومحن!
ولقد حرم  الإسلام كل الأسباب والطرق المؤدية إلى  الإجرام والإرهاب من الترويع ولو على سبيل المزاح، والإشارة بالسلاح، بل حرمَ مجردَ الخدش! فكيف بالقتل بغير حق؟!
   ((كان الصحابة يسيرون مع رسول الله   في مسير فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى نبل معه فأخذها فلما استيقظ الرجل فزع فضحك القوم فقال ما يضحككم فقالوا لا إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع فقال رسول الله   لا يحل لمسلم أن يروع مسلما )) رواه أحمد وأبو داود، قال الشوكاني في نيل الأوطار ((في الحديثِ دليلٌ على أنه لا يجوزُ ترويعُ المسلمِ ولو بما صورته صورة المزح))
  وفي حديث أبي هريرة المتفق على صحته: قال رسول الله : (( لا يشيرُ أحدُكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار)).
 وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: قال أبو القاسم  :))من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه)).
   وفي حديث جابر المتفق على صحته: (( أن رجلا مرَّ بأسهمٍ في المسجد قد أبدى نُصُولها، فأُمر أن يأخذ بنصولها حتّى لا تخدشَ مسلماً )).
   فإذا كان لا يجوز الترويع ولو مزاحا، والخدش ولو بدون قصد، فكيف بسفك دماء الأبرياء بغير حق.
لقد عظم الإسلام حرمة الدماء حتى جعل التعدي على حياة شخص واحد يُعد تعدياً على حياة الناس جميعاً، قال سبحانه: { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} المائدة: 32
ومن تعظيم حرمة الدماء في الإسلام أن الله تعالى يبدأ يوم اللقاء الأكبر بمحاسبة أولئك القتلة الذين سفكوا الدماء بغير حق، ففي صحيح البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أول ما يقضى بين الناس في الدماء”.
يا بني الحبيب إذا كان الله قد نهى عن قتل الحيوان والطير بغير حق، فكيف بقتل الإنسان؟! إن شرع ربنا الحكيم يحذر كل التحذير حتى في ساحات الحرب وأرض القتال من الاعتداء على غير المعتدين، فكيف إذا كانوا في دار أمن واستقرار؟! ولذلك اتفقت كلمات علماء المذاهب الأربعة أن الكافر الذي لا يحاربنا ولا يعتدي علينا معصوم الدم لا يجوز قتله ولا التعدي عليه.
يا ولدي إن من يقوم بعمليات إرهابية قد ارتكب كثرة كاثرة من الخطايا العظيمة والجرائم الكبيرة، من الخروج على الحكام، ونقض العهد و البيعة، والغدر والخيانة، وسفك الدماء وقتل الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين.
فإن رسول الله   قال: اجتنبوا السبع الموبقات!  (يعني المهلكات).
قيل: يارسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق..)) متفق عليه.
يا ولدي إن من يقوم بعملية إرهابية في ورطة لا مخرج له منها قال ابن عمر رضي الله عنهما:((إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها: سفك الدم الحرام بغير حله)) رواه البخاري. 
يا ولدي إن من يقوم بعملية إرهابية ليس منا نحن المسلمين، لأن رسول الله  يقول: (( من حمل علينا السلاح فليس منا)) متفق عليه.
يا ولدي: زوال الدنيا أهون عند الله من سفك الدماء، فإن النبي   قال:))لزوالُ الدنيا أهونُ عند الله من قتل رجلٍ مسلم))     رواه مسلم.
يا ولدي: إن القيام بعملية إرهابية أشد حرمة من انتهاك الكعبة، فقد روى عبد الله بن عمرو، قال: ((رأيت رسول الله   يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وما أطيب ريحك، ما أعظمك وما أعظم حرمتك، والذي نفس محمدٍ بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظمُ من حرمتك ماله ودمه)).
يا ولدي: إن من يقوم بعملية إرهابية عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه نافلة ولا فريضة، قال نبينا ﷺ: ((ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف)) متفق عليه.
يا ولدي:إن من يقوم بعملية إرهابية يموت ميتة جاهلية ويلقى الله ولا حجة له، لأنه خرج بذلك على جماعة المسلمين ونظامهم  فعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله  : ((من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم.
يا ولدي:إن من يقوم بعملية إرهابية إنسان غادر، والغادر يفضح يوم القيامة ويحمل لواء الغدر.
قال ابن عبدالبر ( والغدر أن يؤمن الحربي ثم يقتل وهذا لا يحل بإجماع ) التمهيد  لإبن عبد البر – (25 / 172)
ويقول ابن تيمية في الصارم المسلول (1 /91): (( و من المعلوم أن من أظهر لكافر أمانا لم يجز قتله بعد ذلك لأجل الكفر، بل لو اعتقد الكافر الحربي أن المسلم آمنه و كلمه على ذلك صار مستأمنا قال النبي   فيما رواه عنه عمرو بن الحمق [ من أمن رجلا على دمه و ماله ثم قتله فأنا منه بريء و إن كان المقتول كافرا ] رواه الإمام أحمد و ابن ماجه.
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر، قال: قال رسول اللهﷺ :((إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان)).
يا ولدي:إن من يقوم بعملية إرهابية يقتل فيها إنساناً غير مسلم  لن يشم رائحة الجنة، قال رسول الله ﷺ :((من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما)). رواه البخاري واللفظ له، والنسائي إلا أنه قال: ((من قتل قتيلا من أهل الذمة)).
يا ولدي: إن من يقوم بعملية انتحارية تحرم عليه الجنة، ويتردى في نار جهنم، فقال رسول الله ﷺ: ((كان برجل جراح فَقَتَلَ نفسَه، فقال الله: بَدَرَ عبدي بنفسهِ، فحرمتُ عليه الجنة)) متفق عليه، وقال رسول الله ﷺ : ((من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم، يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا)). متفق عليه.
يا ولدي:هذا الوعيد الشديد ينتظر من يسفكُ ويُقتِّل ويدمر ويخرِّب ثم يزهقُ نفسه في عملية انتحارية، فيوقع البلاء والفتن والمحن في المجتمعات، ويتسبب في التنفير من الإسلام، والصدِّ عن سبيل الرحمن، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا.