عشر خطوات لتحقيق الأمنيات

انتهى بنا الحديثُ في المقالة الماضية أن الله سبحانه جعل للتمني الذي في قلوبنا تأثيراً كبيرا في تحقيقِ أمنياتنا، فقد وهبنا الله قدرةً عظيمة، نستطيع بها، أن نحولَ الكثيرَ من الرغبات، والكثيرَ من مكنونات النفس، إلى حقيقةٍ واقعية! وهذا الذي جعله الله سبباً في تحقيق أمنياتنا، لا نعلم حقيقته ولا كنهه ولا كيفيته، لكن الأدلةَ الشرعية، تؤكدُ على كينونته، وتجزمُ بتأثيره في حياتنا! وما من شك أن ذلك بإذن الرب تعالى ومشيئته، ومرتبطٌ بالقدر خيره وشره،

لكن كيف نستخدمُ هذا التأثير ونستعملُ هذه القوة لتحقيق أمنياتنا

والحصول على أهدافنا، هذا ما سوف نبينه بإذن الله تعالى
فهنالك عشرُ خُطواتٍ ووسائلَ سهلةٍ ويسيرة، نستطيعُ بها أن نحققَ أمنياتنا:

الخطوة الأولى: حدد أمنيتك.

فكر جيداً فيما تريد، وحدد أمنيتك بدقة، حدد قبل أن تتمنى، ولا تستعجل في تمني ما تريد، فلربما تتمنى شيئا، لا يصلح لك، ربما تتمنى شيئا يجلب لك الشر كله، فلا تتعجلْ في اختيار الأمنية، حتي تتأكد أنها ستنفعُك وستسعدُك.
عود نفسك دائما، أن تنظر إلى لب الأمور وجوهرها، وليس إلى مظاهرها.
لا تتمنى أخي الكريم الزواج من فلانة، إلا إذا كنت متأكداً أن فلانةً سوف تسعدك، ولا تتمنى منصباً بعينه إذا كان هذا المنصب سيسبب لك المتاعب والمشاكل.
وأنتِ أختي الكريمة لا تَتَمنِين الزواج من فلان بعينه، حتى وإن كان متميزاً، إذا شعرتِ أنه لن يسعدَك في حياتك، ولن يكون قادراً على القيام بما أوجب الله عليه تجاه زوجته.
يجدر بكل مسلم أن يكون ما يتمناه منضبطاً بضوابط الشرع المطهر، فلا يتمنى ما يخالف الشرع، فإن الشرع كله مصالح، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
وقد رُوي في مسند أحمد بسندٍ فيه نظر ” إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ مَا يَتَمَنَّى ( يعني أن يتأمل، وأن يتدبر فيما يريد، فإن كان خيرا له تمناه، وإلا توقف عن تمنيه) إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ مَا يَتَمَنَّى، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْ أُمْنِيَّتِهِ” نعم فإنك لا تدري، لعل أمنيتك تتحقق، لكنها تضرك ولا تنفعك، وتُشقيك ولا تُسعدك.

والخطوة الثانية: أن تتمنى ما حددته بقلبك جيدا، وأن ترغبَ فيها بقوة

اجعل رغبتك في الوصول إلى هذه الأمنية أكيدة، استمر في تمنيها بقلبك ووجدانك دون توقف، لا ينبغي أن تتوقف عن تمنيها بعد فترة من الزمان، فإن للتمني تأثيراً كبيرا في تحقيق الأمنيات.

الخطوة الثالثة: أحسن الظن بربك، أن يحقق لك هذه الأمنية

توقع أن يحققها لك في أي وقت، ما ظنُّك بأمك الحنون إذا عرفت أنك تتمنى كذا أو كذا، واللهِ ستبيع ما أمامها وما وراءها، لكي تحقق لك هذه الأمنية، فما ظنكم بأرحمِ الراحمين وأكرمِ الأكرمين.
توقع من الله عز وجل أنه سيمن عليك بهذه الأمنية، وفي الحديث القدسي أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء إن خيرا فخير، وإن شراً فشر.
قال ابن حجر أي أنا عند ما يتوقعه عبدي.
قال ابن مسعود رضي الله عنه:”واللهِ الذى لا إله إلا هو، ما أُعطى عبدٌ مؤمنٌ قط شيئًا، خيرٌ من حسن الظن بالله، والله الذى لا إله إلا هو، لا يحسنُ عبدٌ الظنَّ إلا أعطاه الله ظنه، وذلك أن الخير فى يديه”.

الخطوة الرابعة: أن تتوكل على الله، وأن تفوضه سبحانه في تحقيق أمنيتك، وكفى بالله وكيلا.

قل في نفسك رب إني لا أقدر على تحقيق هذه الأمنية دون عونك وتوفيقك، فاللهم فوضتك أن تحققها لي، فلا حول ولا قوة لي إلا بك.
قال تعالى((وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ))
فمن يتوكل على الله ويعتمدُ عليه ويفوضُه في تحقيق ما يريد، وجلب ما ينفعه، فالله يكفيه في تحقيق الأمر الذي توكل عليه فيه.

الخطوة الخامسة:  أن تستيقن حصولَ الأمنية

فكأنها بين يديك قد تحققت بالفعل، فما دمتَ قد فوضت ربَّك سبحانه في تحقيقها، فكن واثقا بتحقيقها أكثر مما في يدك.
قال الحسن: « يا ابن آدم إن من ضعف يقينك، أن تكون بما في يدك أوثقَ منك، بما في يد الله عز وجل »
لا بد أن نعود أنفسنا اليقينَ والثقةَ بما عند الله، فإن العقبة الأساسية التي تمنعك من تحقيق أحلامك، هو ذلك الشكُّ الذي يراودك، هو ضعفُ يقينك بربك سبحانه.

الخطوة السادسة: أن تستبشر بتحقيق أمنيتك، وأن تتفاءل بحصولها، والتفاؤل سنة نبوية

وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير، ولا يتشاءم أبدا، كان إذا سمع كلاما حسنا، تيمن به واستبشر وتفاءل، فكان يُعجبه أن يسمع يا راشد يا نَجيح؛ كما أخرجه الترمذي، فيستبشر بالرشد والنجاح، كما تفاءل بسهيل، مع أنه مشرك بالله، لما جاء في الحديبية فقال سهُل أمركم.
لا ينبغي أن تتشاءم بأي حدث، لا ينبغي أن تحدثَ نفسك مثلاً بأن الأزمة الاقتصادية ستؤثرُ على تحقيق أمنيتك بالسلب، بل تفاءل مهما حصل، لأنك وكلتَ ربك القويَّ العزيز في تحقيقها.

الخطوة السابعة: أن تلح على الله في دعائك أن يحقق لك أمنيتك

لا سيما في الأوقات التي يُرجى فيها الإجابة، كالدقائق الأخيرة قبل مغرب الجمعة، والدقائق التي تكون قبل الظهر، والثلث الأخير من الليل، وقد ثبت في حديث الترمذي “لَيْسَ شيءٌ أكرمُ على الله من الدعاءِ”
وكن ذكياً في دعائك، فادع لغيرك من الناس، أن يحقق الله لهم أمنياتهم، فإن ذلك من أقوى أسبابِ استجابة الدعاء، فإذا كانت أمنيتُك مثلاً أن تَحصُلَ على وظيفة مهمة، فقل اللهم يسر لفلان الوظيفة التي يريدها، فقد ثبت في صحيح مسلم “ دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ

الخطوة الثامنة: أن تساعد غيرك من الناس على تحقيق أمنياتهم، وقضاء حوائجهم

فالله في عون العبد ما دام في عون أخيه، ومَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، كما ثبت في صحيح مسلم
واعلم أن الأخذ والعطاء وجهانِ لعملة واحدة، فبقدر ما تعطي، فإن الله سيعطيك أكثر. وفي الصحيحين ” قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ

والخطوة التاسعة: أن تكثر من شكر الله على ما أسبغ عليك من النعم

فشكرُ الله سيجلب لك المزيد من الخيرات والبركات في حياتك، كما قال ربنا: (ولئن شكرتم لأزيدنكم).
ولهذا كانوا يسمون الشكر } الجالب { لأنه يجلب النعم المفقودة .
كما كان يقال: ” الشكر قيد النعم “ لأنه يحفظ النعمَ الموجودةَ من الزوال

والخطوة العاشرة: أن تكثر من الاستغفار

فالاستغفار هو المفتاح الأقوى لتحقيق الأمنيات.
فلقد وعد الله المستغفرين أن يحقق لهم أمنياتهم، وأن يمتعهم متاعاً حسناً ، وأن يرزقهم عِيشة طيبة ، وحياةً سعيدة ، وأن يسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة.
قال تعالى : ” وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ” .
وقال نوح “فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفَّاراً، يُرسِل السماءَ عليكم مدراراً، ويُمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهاراً

هذه هي خطواتُ تحقيقِ الأمنيات باختصار شديد.
حدد أمنيتك بدقة، ثم عليك أن تتمناها بقلبك بقوة، وأن تحسن الظن بربك أن يحققها لك، وأن توكله سبحانه في ذلك، وأن تستيقن بوقوعها بين يديك، وأن تستبشر بتحقيقها وأن تتفاءل بحصولها، وأن تلح على الله في دعائك، وأن تساعد غيرك من الناس على تحقيق أمنياتهم، وأن تكثر من شكر الله على ما أولاك من النعم، وأن تكثر من الاستغفار.
ولابد مع هذه الخطوات وتلك الوسائل، من التخطيط الدقيق والسعي الجاد.
كن على يقين أن هذه الخطوات ستوصلك بإذن الله ورحمته، إلى كل ما تريد.